ابن الهيثم و علم البصريات

نبذة عن ابن الهيثم

هو أبو علي محمد بن الحسن بن الحسين البصري، ولد في مدينة البصرة بالعراق سنة 354هـ/965م، و اتم دراسته في مجالس شيوخها.
وسافر إلى مصر و سكن في القاهرة حتى وفاته، وتم ذكره في معظم المصادر باسم الحسن بن الهيثم شيخ البصرة ومهندسها، و عرف في أوروبا بلفظ "Al Hazen".

الحسن ابن الهيثم قدر انه يحقق تقدم ملحوظ في علم البصريات و علم الرياضيات وعلم الفلك، و تميزت أعماله في علم البصريات بالتركيز على التجارب المصممة بعناية لاختبار النظريات والفرضيات، اللي بيشبه إلى حد كبير المنهج العلمي التجريبي الحديث، لهذا يعتبر ابن الهيثم مؤسس علم البصريات، و من رواد المنهج العلمي.

نظرية الرؤية

برع ابن الهيثم في علم البصريات و قدر انه يطوره تطوير جذري، ويعتبر كتابه المناظر ثورة في علم البصريات، فهو لم يتبن نظريات كلوديوس بطليموس ليشرحها ويجري عليها بعض التعديل، لكن رفض عددا من نظرياته في علم الضوء، حتي استنتج نظريات جديدة أصبحت نواة لعلم البصريات الحديث، لذلك فهي ليست مبالغة منا عندما نقول ان الحسن أبن الهيثم هو مؤسس علم البصريات الحديث.

في العصور القديمة كانت في نظريتين كبار بيفسروا كيفية الرؤية و هما:
النظرية الأولى نظرية الانبعاثات، التي أيدها مفكرون مثل إقليدس و بطليموس، والتي تفترض أن الإبصار يتم اعتمادًا على أشعة الضوء المنبعثة من العين، و النظرية الثانية نظرية الولوج اللي أيدها أرسطو وأتباعه، واللي بتفترض دخول الضوء للعين بصور فيزيائية.

ابن الهيثم عارض فكرة ان عملية الرؤية تحصل عن طريق خروج شعاع من العين للجسم المراد مشاهدته او دخول الضوء للعين بصورة فيزيائية.
و فسر ابن الهيثم ده بأن الشعاع لا يمكن أن ينطلق من العينين ويصل إلى النجوم البعيدة في لحظة بمجرد أن نفتح أعيننا.

و كمان عارض الاعتقاد السائد أن العين قد تجرح إذا نظرنا إلى ضوء شديد السطوع مثل الشمس، ووضع بدلاً من ذلك نظرية ناجحة للغاية تفسر عملية الرؤية بأنها تحدث نتيجة خروج أشعة الضوء إلى العين من كل نقطة في الكائن (الجسم المراد مشاهدته)، وهو ما أثبته عن طريق التجارب.

كما وحد علم البصريات الهندسية مع فرضيات أرسطو الفيزيائية لتشكل أساس علم البصريات الفيزيائية الحديثة.

كمان ابن الهيثم قدر يثبت أن أشعة الضوء تسير في خطوط مستقيمة، كما نفذ تجارب مختلفة حول العدسات و الانعكاس و الانكسار و المرايا.

أسس البحث العلمي

ابن الهيثم قدر انه يضع أسس البحث العلمي وقواعده، و كمان قدر انه يطبقها وسار على خطاها في كل أبحاثه وتجاربه ونظرياته، وفي ذلك يقول في كتاب المناظر: "ابتدأت في البحث واستقراء الموجودات وتصفح أحوال المبصرات وتمييز خواص الجزئيات، والتقطت باستقراء ما يخص البصر في حال الإبصار، وما هو مطرد ولا يتغير وظاهر لا يشتبه في كيفية الإحساس، ثم ارتقيت في البحث والمقاييس على التدرج والترتيب، مع انتقاد المقدمات والتحفظ بالنتائج ثم أخذت بالتمثيل أي التطبيق"، وبكده يكون ابن الهيثم قد سبق فرانسوا بيكون بقرون في وضع قواعد البحث العلمي.

كمان بحث في قوة التكبير في العدسات مما جعله الرائد لفكرة أول نظارة في العالم، والممهد الأول الذي ساعدت بحوثه في علم البصريات على إصلاح عيوب الإبصار في العين وتعديلها.

ويعتبر ابن الهيثم هو أول من درس و شرح عدسة العين، ورسمها وأطلق عليها أسماء أخذها الغرب، أو ترجمها إلى مختلف لغاتهم منها:
القرنية (Cornea) والشبكية (Retina) والخلط المائي (Aqueous Humour).

إنجازات أبن الهيثم في علم الفلك

لأبن الهيثم العديد من المؤلفات في علوم اخري، منها مؤلفاته في علم الفلك اللي تحدث فيها عن ظاهرتي كسوف الشمس و خسوف القمر، وتوصل إلى أن القمر هو الجرم السماوي الوحيد الذي يستمد نوره من ضوء الشمس ولا يضيء بذاته.

ده غير انه قدر يأثر على علماء الفلك في أوروبا عن طريق تفسير حركة الكواكب و البنية الكونية.

مافيش شك ان ابن الهيثم استحق ان يلقبه بعض الناس بلقب العالم الأول، و الأكيد ان ابن الهيثم لم يكن الوحيد في عصره اللي تميز في مجاله، لكن فترته شهدت تواجد الكثير من العلماء اللي أضاءوا التاريخ بعلمهم و انجازاتهم في وقت كانت أوروبا غارقه ظلام عصورها الوسطي.